مزرعة بابولنا
شعار مزرعة بابولنا
الفحل "تاجار" tajar
تمثال الفحل شاجيا في مزرعة بابولنا
حكم الأتراك دولة المجر وأجزاء من النمسا لمدة مائة وخمسين عامًا. وخلال الانتصارات التي حققوها عام 1526م، استهدف الجيش التركي إبادة كل من يقف أمامه، كما قضى على خيول دولة المجر بالكامل. وطول فترة الاحتلال التركي استطاعت خيلهم الشرقية من ترك الأثر الجيني في البلد التي كان يقيم فيها سلاح الفرسان المجري، حيث استخدمت الفحول العربية التي أتى بها الأتراك لمزاوجتها مع الأفراس المحلية، ومع مرور السنين تطور الحصان السهبي المجري؛ ليصبح حصانًا نبيلاً يظهر السمات المميزة للخيل العربية. واستخدمه المجريون فيما بعد في المجال المهني.
في نهاية القرن السادس عشر، غادر الأتراك المجر ولكن سرعان ما أتى الهابسبورجيون من دولة النمسا؛ ليحتلوا مكانهم. وقد تفوق الهابسبورجيون على العامة المجريين في كافة المجالات لاسيما في مجال تربية الخيول، حيث توافق ذوق الهابسبورجيين مع الذوق الأوربي في اختيارهم للخيل؛ فأدخلوا الخيل الإسبانية والنابولية في كافة أرجاء المملكة وبأعداد كبيرة مطورين بذلك سلالتي الليبيزان والكلادروبر. إلا أن الخيل المجرية غالبًا ما كانت تبرز سمات الخيل الشرقية دون الخيل الإسبانية والنابولية التي كانت تظهر في نتاجها بقلة وعلى فترات متباعدة بين جيل وجيل.
"عندما أجبرت المزارع العامة والخاصة في أوروبا على اختيار سلالة من الخيل؛ لتسد الفراغ الكبير بين صفوف الخيول، خاصة بعد الحرب النابليونية، اختارت المزارع الحصان الشرقي والحصان العربي بصفة خاصة الذي أدى إلى تحسين إنتاجهم".
وللحفاظ على نسبة الدماء الشرقية في خيلهم، عمد الأوروبيون على استيراد خيول عربية من الشرق، في الوقت الذي بدأت فيه دول أخرى التفكير في هذا الأمر لتحسين إنتاجهم.
وفي سنة 1789م شيد مركز بابولنا Babolna وخصص لتوليد الخيل العربية فقط.
ويأتي الفحل "تاجار" tajar كحجر زاوية في تاريخ تربية الخيول في المجر. اشتراه البارون فتشتينج من شيخ مملوكي من مصر في محافظة الجيزة عام 1811م. كان "تاجار" الأسرع والأكثر نبالة بين سائر الخيول وقتها. كان ودودًا جدًّا. وحتى عندما بلغ خمسة وثلاثين عامًا كان لايزال يجسد الحصان المثالي للتربية.
قام البارون فتشينج بالعديد من الرحلات إلى مصر وشبه الجزيرة العربية من أجل استيراد خيل جيدة من شانها أن تعزز نسبة الدماء العربية في المزارع الملكية والخاصة في أوروبا.
وفي سنة 1836م أرسلت بعثة برئاسة الميجور هيربرت إلى سوريا؛ لشراء فحول عربية وبعض الأفراس (الإناث). وكان من بين الفحول التي انتخبتها البعثة جواد جميل لونه أشهب يميل إلى البياض سميِّ شاغيا، وقد برهن هذا الفحل على أنه من أندر الفحول العربية في الجودة وأنجب أفخر الجياد. كما أنه يعتبر المؤسس لرسن الشاغيا الهنغاري.
أما الرسن الثاني (الهنغاري العربي) فهو العبيان أو أوباجان، ومؤسس هذا الرسن فحل عربي أدهم اللون من رسن العبيات، وقد برهن عبيان العربي كما برهن سلفه شاغيا من قبل على أنه من الفحول العربية الممتازة للسفاد، ومات في سن الثلاثين بعد أن استمر كفحل للسفاد لمدة 25 سنة، ودفن في إحدى ساحات مركز بابولنا وزين قبره بلوحة من المرمر الأبيض حفر عليها اسمه وبعض التفصيلات عنه.
أدى شراء هذه الخيول إلى نتائج ناجحة، لدرجة أن الميجور هيربرت أرسل في عام 1843م إلى مصر، فعاد بالأحصنة التالية، حيث اشترى سبعة خيول، واثنين من الفرس.
مرت على مزرعة بابولنا سنوات من النجاح تعزز فيها دماء سلالة خيل شاجيا، وتطورت الخيل العربية المجرية.
أظهرت الخيل المجرية نبالة الخيل العربية النقية الدماء ورباطة جأشها، ولكن تكوينها الجسماني وحجمها كان أقرب للخيل الحارة الدماء.
جلبت الحربان العالميتان الرعب والآلام للبشر والحيوانات على حدِّ السواء. خلال تلك السنوات، حاولت المزرعة التمسك بتطبيق استراتيجيتها المزدوجة وهي إنتاج خيل "شاجيا"، فخر إنتاج المجر من الخيول وخيل عربية نقية الدماء كل على حدة.
مزرعة بابولنا
لوحة مرسومة تصور خيول مزرعة بابولنا
خيول مزرعة بابولنا
بدأت عملية إحياء تربية الخيول العربية عام 1962م، فتم إحضار الخيل العربية من القاهرة، ولكن هذه المرة تم نقلها جوًّا من مزرعة الزهراء العامة بدلاً من السير على الأقدام في أعالي نجد. وأصبح نتاج تلك المجموعة مخصصًا لمحبي الخيل العربية ومربيها، ولم تعد مخصصة لسلاح الفرسان، وبدأ الطلب يزداد على الفحول والأفراس المصرية البحتة. وشرع مديرو بابولنا في استيراد خيول عربية؛ حيث عملت الخيول التي تم استيرادها من مصر على تأسيس قاعدة هامة على مستوى العالم في تربية الخيول المصرية نقية الدماء متمثله في الأفراس التالية:
حنان
Hanan |
تمرية
Tamria |
مرح
Marah |
بنت إيناس
Bint inas |
العزيزة
Alaziza |
لطيفة
Lotfeia |
أما أهم الفحول التي شكلت العصر الجديد للخيل المصرية فهم:.
ابن جلال
Ibn galal |
فرج
Farag |
غليون
Ghalion |
وخلال وقت قصير جدًّا، استطاعت مزرعة بابولنا تكوين وعاء جيني مصري بحت، حاز القبول والتقدير العالمي. وفي الثمانينيات من القرن العشرين، استخدمت فحول مصرية بحتة ذات جودة عالية وتقدير عالمي في برامج الإنتاج مثل الفحول:
أنساتا حليم شاه
Ansata halim shah |
وصلاح الدين
Salaa el dine |
وأنساتا عباس باشا
Ansata abbas pasha |
عليدار
Alidaar |
ولكن في التسعينيات تغير الوضع؛ حيث استخدمت فحول بولندية وروسية لمزاوجتها مع نتاج الخيل التي تم استيرادها من مصر في السبعينيات والثمانينيات، حتى تعيد التكوين الهيكلي والشكلي لذرية الخيل العربية النقية الدماء، ومزاوجتها أيضًا مع أفراس أصيلة لكنها لا تنسب للخط المصري.
وقد أثارت هذه السياسة حزن محبي الخيل المصرية البحتة الذين اعتبروها هادمة لجزء هام من تراث مزرعة بابولنا.
ولكن في الوقت الحالي تغير الوضع مرة أخرى؛ حيث تسعى الحكومة المجرية من خلال مزرعتها الشهيرة بابولنا إلى تأسيس سلالة خيل مصرية بحتة، تتخذ من بابولنا مركزًا لها. فالمزرعة كبيرة بما يكفي لاستيعاب تطبيق استراتجيات برامج متعددة في نفس الوقت.
ومازالت مزرعة بابولنا تثير انبهار وإعجاب كل من يعرفها حق المعرفة. فهي بمثابة كاتدرائية متعددة الثقافات تحتضن كل من يؤمن بالخيل.