الذنب أو الذيل

يتألف الذنب من الفقرات العصعصية والأوتار والعضلات المختصة بها، ويسمى كل ذلك العسيب، وهو مغطى بشعر طويل يسمى السبيب. فالذنب إذن أو الذيل مؤلف من مجتمع السبيب والعسيب. ويستحب فيه قصر عسيبه وضخامته عند المنبت أي الأصل المسمى عكوة. وبمقدار ما تستحب ضخامة العكوة تستحب دقة رأس العسيب، وقصره، وطول الشعر، ونعومته، وصفاء لونه الأسود أو الأبيض أو الأشقر مع طوله. وقد مدحت العرب الذيل الذي يجر على الأرض عندما يكون الجواد مربوطًا، وعدت من العيوب أن يجره وهو ماشٍ. ويقطع بعضهم من العسيب الطويل فترًا من الأمهار، ويلزم للقطع آلة خاصة تقطع بها الأوتار ومنتهى الفقرات العصعصية التي تقطع بعد قطعها بالحديد المحمى. ويقطع بعضهم قسمًا من شعر الذنب أو كله، فيصبح المهر ذا ذنب كالمقرعة. وهذا القطع مكروه ومضّر، والواجب ترك شعر ذنب الخيل من ولادة الجواد حتى موته، لكون هذا الشعر ضروريًّا لطرد البرغش والذباب وغيره من الحشرات. وشعر الذنب يزيد من جمال الحصان. والعرب لا تعتبر أن الجواد قد بلغ أشده إلا إذا جر ذيله، وذلك لا يكون قبل السابعة من عمره.


شعر الذنب يزيد من جمال الحصان. والعرب لا تعتبر أن الجواد قد بلغ أشده إلا إذا جر ذيله

ويستحب في الجواد أن يشيل ذنبه، أي أن يرفعه عند العدو، ويقول العرب: "هذا الجواد شيال، ومشوال". والفرس الذي لا يشيل ذيله عند العدو يشبه الثعلب، وهذا مكروه. وقد اتخذ بعض الناس حرفة قطع الوتر الذي يسفل الذنب، فيصير الجواد، بعد قطع هذا الوتر، رافعًا ذيله إن واقفًا، أو نائمًا، أو عاديًا.

ولا تخفى هذه العملية الشنعاء على العارف بالخيل وأمورها. والأكثر كرهًا منها حرفة يدأبها باعة الخيل، وهي وضع قطعة من الزنجبيل، أو الفلفل، أو بعض شعرات مقطوعة قطعًا صغيرة في أست الجواد، فيرفع، حينئذ، ويشيل ذنبه كأنه من أعظم جياد العرب. وعلى الشاري العارف بالخيل لا تخفى هذه الخدعة.

>>> قال امرؤ القيس:

ِأَسُدُّ إِذا اِستَدبَرتُهُ مِنهُ فُرجَةً بِضافٍ فُوَيقَ الأَرضِ لَيسَ بِأَعزَلِ

ضليع: قوي الأضلاع ممتلئها. استدبرته: نظرت إليه من خلفه. ضاف: ذنب طويل الشعر. الأعزل: المائل الجانب.

>>> وقال المتنبي في مدح سيف الدولة

ِأَتاهُم بِأَوسَعَ مِن أَرضِهِم طِوالَ السَبيبِ قِصارَ العُسُب
ِتَغيبُ الشَواهِقُ في جَيشِهِ وَتَبدو صِغاراً إِذا لَم تَغِب
ِوَلا تَعبُرُ الريحُ في جَوِّهِ إِذا لَم تَخَطَّ القَنا أَو تَثِب

أتاهم الدمستق: قائد الروم؛ حيث يصف عسكر الروم بالكثرة، ثم وصف خيلهم بأنها من جياد الخيل؛ لأن طول شعر الذنب وقصر عظمه مما يستحب في الخيل.

يقول إذا علا جيشه الجبال العالية، غطاها لكثرته، فغابت فيه، وإذا تخلل جوانبها ظهرت صغارًا بإلاضافة إليه وإلى سعته وانتشاره حولها.

يقول: لكثرة رماح هذا الجيش وتطابق ما بينها، غص الهواء بها، فلا تجد الريح منفذًا إلا أن تتخطى الرماح أي تكون أعلى طريقًا منها أو تثب فوقها.

>>> قال امرؤ القيسوقال بشار بن برد:

ِوَالخَيلُ شائِلَةٌ تَشُقُّ غُبارَها كَعَقارِبٍ قَد رُفِّعَت أَذنابُها

>>> وقال حازم القرطاجني:

ِطَويلِ ذَيلٍ وسبيبٍ وطُلى قصيرِ ظَهرِ وعسيبٍ ونَسا

طلا: طلاة وهي العنق. نسا: عرق النسا ويكون من الورك إلى الكعب.