إسطبلات البادية للخيل العربية الأصيلة

السيد أحمد مرعي

في عام 1935م زار السيد أحمد مرعي الجمعية الملكية الزراعية؛ لشراء مهرين هما: بنت مجبورة (ابن ربدان x مجبورة) وبنت بنت بنت ريالة (ابن ربدان X مجبورة)، وكان ذلك بداية عبور الحصان العربي إلى العالمية.

ولد المهندس سيد مرعي ابن أحمد مرعي، ونشأ وترعرع في محافظة الشرقية ليصبح بعد ذلك رجلاً مهمًّا جدًّا في السياسة المصرية، ولكن حبه لأصائل الخيول العربية كان الأول في قلبه، ولقد سار على خطى والده في تربية الخيل الأصيلة، وأولى برامج التربية اهتمامًا كبيرًا، وفي عام 1951م انتقلت عائلة مرعي من بنها إلى الجيزة؛ ليتوقفوا عند الأهرامات، وليؤسسوا مزرعة البادية لتربية الخيول العربية الأصيلة - وكلمة البادية تعني الصحراء المفتوحة - وحينها فقط قاموا بتغيير فلسفتهم في التربية، للهدف الأكبر وهو تربية أنقى وأكثر الأصناف العربية الكلاسيكية، ومنذ ذلك الحين واسم عائلة مرعي مرتبط بالخيول العربية المصرية، أكثر من اسم أي ُمَربٍّ آخر.

وفي عام 1961م، وفي ظل حكام الثورة، تعرضت الخيول العربية للإهمال والانقراض، من قبل الحكام الجدد، فكانوا يرون فيها تجسيدًا للفترة الملكية، وبالتالي كان يجب القضاء عليها، كما أنه في ظل الأفكار الاشتراكية كان من غير الشرعي امتلاك أصول ذات قيمة. والعديد من العائلات الثرية التي كانت تملك إسطبلات لتربية الخيل، لم يصبح لها المقدرة الاقتصادية في ذلك الوقت على تربية الخيل، بالإضافة إلى أن خيولهم أُمِّمَت جنبًا إلى جنب مع ثرواتهم وفقًا لقوانين التأمين التي صدرت في ذلك الوقت، فقد شتتت الخيول ولم يعد أحد يهتم بها، والمحظوظ من تلك الخيول تم جمعها في الجمعية الزراعية المصرية.


المهندس سيد مرعي

السيد حسن مرعي

االدكتور نصر مرعي

وعندما كان المهندس سيد مرعي وزيرًا للزراعة وبمبادرة شخصية منه، وبدون أي دعم سياسي من أي شخص، ومخاطر بحياته المهنية، تحدث مع الرئيس جمال عبد الناصر حديثًا عاطفيًّا طويلاً في الدفاع عن الخيول العربية، وكانت كلماته: "أن العمل على القضاء على الخيول العربية وفنائها، كالعمل على القضاء على الأهرامات". لقد استطاع أن يقنع رجال الحكم آنذاك أن يتركوا الخيل وشأنها، ونتيجة لذلك أصبح لدينا سلالة الخيل المصرية الممتازة إلى اليوم، لقد قام سيد مرعي بملاحقة هدفه في تربية الخيول العربية الأصيلة بحماس كبير، وذلك عن طريق اختياره لأكثر السلالات المرغوبة من الجمعية الزراعية المصرية، بالإضافة إلى المزارع الخاصة.

وكان من أكثر الخيول المؤثرة في خيل مزرعة البادية، الحصان "قايد"، وكان جميل الشكل، لقد كان من أفضل الأمهار الموجودة في الجمعية الزراعية المصرية، ولكن أهم ما كان يميز هذا الفرس أن نوع الأم ومواصفاتها لم يكن ليشكل فرقًا بالنسبة له، فكافة إنتاجه كان غاية في الجمال والإبهار لقد أنتج الفرس كايد 55 مهرًا حتى وفاته 1982م.

وعلى خطوات والده كايد نما المهر "أمير البادية" ابن "ملكة الجمال"، وأصبح هو السيد الجديد، وخلف 46 مهرًا، 15 منها تم تصديرها للولايات المتحدة قبيل بيعه للشيخ عبد العزيز بن خالد آل ثان من قطر لمزرعته الريان.

وفي عام 1959م، انضمت الفرسة نجدية للقطيع الخاص بمزرعة البادية، وبدأت سلالة خاصة بها، منها: أمير البادية، فريدة، فريد البادية، ملكة الوادي، حلاوة البادية، جواهر البادية، وكثيرون آخرون. وسوف يظل المربيون الأمريكيون يتذكرون ابنة نجدية ملكة الجمال، والتي صدرت للولايات المتحدة الأمريكية، وأثرت كثيرًا في خيولهم هناك.

الكثير من المهور الممتازة جاءت إلى البادية خلال فترة الستينيات، بما فيها بنات خيول مشهورة في الجمعية الزراعية المصرية: بنات علاء الدين، السريع، ابن مايسة، مسحور.

ومع الوقت، انتقل برنامج التربية الخاص بالخيول في مزرعة البادية من المهندس سيد مرعي إلى ابنه الدكتور نصر مرعي، والذي تربى وترعرع على حب الخيول والإسطبلات، وورث اهتمامه بالتربية، واليوم فإن الدكتور مرعي ليس مجرد مُرَبِّ لسلالات ممتازة؛ ولكنه أيضًا مصور خيل موهوب، بالإضافة إلى أنه حكم دولي في السباقات الدولية.

وفي عام 1985م عمل الأب سيد مرعي والأبناء نصر وحسن مرعي على تكوين تجمع خاص بالمربيين، أصبح بعد ذلك جمعية مربي الخيول المصرية. ويفخر الدكتور نصر مرعي أن معظم برامج التربية الكبرى مستمرة في استخدام دماء من مزرعة البادية، بأكثر من 100 حصان صدروا لأمريكا، و40 صدروا لأوروبا وأستراليا والشرق الأوسط.